✏️ ابراهيم الزين – فرسان الرياضة
بعيداً عما صاحب ويصاحب الآن كرنفال النهائي الرياضي لختام دوري كرة اليد السعودية ، ودون الدخول في تفاصيل انتهت بنهاية المناسبة الجميلة التي جمعت الأشقاء الخلجاويين والمضراويين ولكي نعذر من تصعب عليهم قراءة تفاصيل اللون البرتقالي ، نقول أنه لابد أن يتعايش المرء عن قرب وفي قلب الأرض الجرداء من أبسط المقومات ، فلا سقف يظلل ولا بساط يقي إلا القليل الذي بالكاد يتنفس منه زارعي الإبداع إبداعهم ، ليحاول سبر المكنون ولن يستطيع.
فنحن الأقربون نعترف ونرفع الراية البيضاء والتسليم بالعجز عن الوصول لمكامن وأسرار هذا الفريق والممتد سحره لأكثر من ثلاثة عقود حين كان يحاول الوقوف على أرجل فتيانه الغضة ، وعندما بدأ مسيرة الكفاح متدرجاً على استحياء ، مثابراً على أمل أن يشتد عوده ، في وقت كانت فيه كرة اليد في أوجها هناك ، وقد استحوذ عليها وعلى بطولاتها من سبقوا الجميع بمسافات من التألق والاحترافية ..
بدأت الصورة تتضح شيئاً فشيئاً ، ووجد هذا الفريق نفسه فجأة يدخل المعترك .. يتقدم خطوة ويتراجع اثنتين وهكذا وهو بينها ينضج شيئاً فشيئاً .. في الوقت الذي كانت العوائق كثيرة رغم أنها لم تكن ملفتة ذلك الوقت أو أن يدار لها بال ، لأن المتعة والفن كانا هما الغاية ، واكتساب الخبرة كان هو الهدف، فإن دخلوا منافسة فلا بأس ، وإلا فالخطط المرسومة كانت تسير على خير ما يرام .
الجميل أنه لم يصدف أن مر الحظ العاثر بالكتيبة ، فظلت تتقدم ، رغم ابتعاد الكبار من اللاعبين ، ولكن المدرسة بدأت تتشكل ، وتغذي الفريق الذي يحاول التقدم في وقت حالفه الحظ في اصطياد احدى البطولات دون أن يحسب لها حساب .
من كان وراء ذلك ؟ ..
نقول أنها إدارة فتية من أفراد دخلوا مجال العمل الإداري لأول مرة في معظمهم مع العبد الفقير كاتب هذه السطور والذي أعطى الضوء الأخضر للزعيم المرار لكي يسلك الطريق المرسوم ويبذر الأرض ويسقيها ثم ينتظر الحصاد في موسمه .
وكان ما كان وبشكل غير متوقع ، حيث الوفرة في المحصول والزارعون يزدادون والمحاصيل تتنوع، وأصبح الفريق يصبغ اللون البرتقالي على جدران المنازل ، وسيقان الأشجار والنخيل لدرجة أننا تخيلنا بأن الرطب والتين والرمان قد أصبح لونها برتقالي والعرق برتقالي والدم برتقالي .
لم نكن نعرف السبب ، كانت البطولات تفتح ذراعيها لنا ، وبدأنا ندرك أننا أصبحنا وسط الأحداث والأحاديث ، وبدأت العوائق تتضح وتزيد ، فالمطلوب الآن هو أكثر من أن تلعب لمجرد اللعب و الفن والمتعة ، المطلوب الآن هو مواصلة الإنجازات مع شح الموارد وانعدام الدعم .
دخل الذهبي اليتيم مجتهداً وتحمل المسؤولية ، قال سوف أجرب رغم المعاناة ، وما هو سوى بعض الوقت وإذا بالحظ يطرق الباب ، والتوفيق يتحالف معه ، لتبدأ الرحلة الحقيقية نحو البعيد .. هناك حيث المجد وفي أكثر من اتجاه وبدأت تتزاحم الطموحات ، كل ذلك على صهيج الإسفلت وازعاج البعوض وروائح المياه الراكدة ونقيق الضفادع .
الملعب الإسمنتي أو الإسفلتي هو هو ، لم يتغير من ستين عاماً حتى الآن ، وعلى الرغم من البطولات المحلية ثم الآسيوية ثم العالمية ، لم يتغير ، وعلى الرغم من محاولات بناء الصالة مرة ومرتين وثلاث وأكثر ولم يتغير والفريق يطير ويحلق هنا وهناك ناثراً الرياحين على أسقف البيوتات حتى وصلت سمعته من أقصى الأرض الرياضية إلى أقصاها ، وأمسى الأملح هو حديث الشارع الرياضي . ورغم ذلك لم يتغير ملعب الإسفلت .
نعود للسؤال : من أين لك هذا أيها المضراوي ؟ لا يمكن لأحد أن يجيب سوى الصالات والنزالات والتي تبوح علانية عن هذا المارد والذي خرج فجأة، من أين ؟ لا أحد يعلم ، وإلى أين لا أحد يعلم .
والآن وبعد كل ما تحقق وبنوعية فريدة وآخرها هو ما راهن عليه الكثير من أن يتوقف ويتنازل عن عرشه فإذا هو يصر على التشبث بحقه في البقاء متألقاً ومدهشاً ، ليعود السؤال وبقوة كما هو كل مرة : من أين لك هذا يا مضر . الجواب هو عند الكواسر فقط ، لا أحد يعرفه ، لا رئيس ولا مرؤوس ، ولا مدربين ولا إداريين .
ما نعلمه هو أن كتابة التاريخ مستمرة ، حين سلمها الزعيم المرار للشهابية المغوار ، ليكمل القصة ويحدث الفارق ويغرق السطور بالحبر الذهبي وقد أتى الرئيس الدكتور السعيد في الوقت المناسب قبل وبعد أن ارتقى الشهابية السلم ليكون في مكان آخر ويكتب تاريخاً رياضياً آخر للوطن الكبير .
لستم أنتم الوحيدين يا من تسألون عن الأسرار ، فنحن أيضاً كما أسلفنا القول نعجز عن معرفة خوالج الإدهاش والذي يجعل الفرق المقابلة في حيرة من أمرها وما عليها سوى التسليم بتفوق الأملح أو البرتقالي ، وسيان الإسم ، فالماركة مسجلة باستحقاق بالإسم والصورة والإنجاز ، إنه ” مضر “..