العمل الإداري في الأندية الرياضية عمل مضنٍ جسديًا ومتعب معنويًا ومرهق ماليًا لمن لا يملك القدرة على اتخاذ القرارات الشجاعة ولا يبحث عن الأفكار الإدارية الخلاقة ولا يعرف لتنسيق الوقت وتنظيمه معنىً ولا يحتمل النقد وتقبـﱠـل الرأي الآخــر .
إدارات عديدة تغيـﱠـرت ومرﱠت على أنديتنا وأشخاص كثيرون دخلوا معترك العمل الإداري بالأندية منهم من شارك عن قناعة وإيمان بالعمل التطوعي وخدمة شباب البلد ولديه أفكارًا جديدة يريد تطبيقها بكل صدق وإخلاص على أرض الواقع ؛ ومنهم من اتخذ الدخول في الأندية وسيلة سريعة وسهلة للبروز والظهور في الإعلام ويعوﱠض ما به من عـُقد ونقص ومنهم البعض الآخر فقط لإكمال النصاب وتلبية لرغبة أحـد الأصـدقـاء أو أحـد المعـارف .
الشباب في بعض الأندية يتمنـﱠـع في بداية الأمر عن القبول بالمشاركة في العمل الإداري الرياضي لما ورثوه وسمعوه في الديوانيات وتناقلته المجالس أو قرأوه عبر قنوات التواصل الإجتماعي من بيئة الأندية الطاردة وغير الصحية بتاتًا ، وفي الأخير يقبلون على مضض وبعد انتهاء المدة المحددة للعضوية ويُـفتح الترشح لمجلس إدارة جديد ؛ نلاحظ من كان يرفض العمل بالنادي يتمسك بالكرسي بأسنانه ويُحارب كل من يقترب من ملكيته الخاصة وأما الصنف الأعجب فذاك الذي يخدم سنوات طويلة ويقدﱠم استقالته ويخرج من الباب بكل أريحية وبنفس راضية ليرتاح بعد التعب وليتيح للشباب الفرصة كما يدعي وينشرها في الصحف والإعلام ويعلنها أمام الشاشات والأشهاد ؛ وفجأة يعود ويصرﱠ على التواجد مرة ثانية ولكن هذه المرة عبر النوافذ وأبواب الطوارئ .
لاحظت في الكثير من إدارات أنديتنا وللأسف العمل النمطي المتعارف عليه وتمشي على خُطى الإدارات التي سبقتها بنفس الأسلوب ونفس المنهج وتنسخ ما سبقها من برامج حتى لو كانت هذه الخطط والبرامج بليدة وعفى عليها الزمن وانتهت صلاحيتها بدون أي تجديد للرؤى ولا البحث عن أفكار مختلفة ولا تملك حتى الشجاعة في تبني برامج وخطط خلاقة تواكب العصر وليس لديها روح المغامرة لتسابق الزمن وتخلق بيئة جديدة من المنافسة وتغيير النمط السائد وتظل تدور في فراغ الحلقات بدون أي تطور يـُذكر ولا نـتائج تـتقدم .
وعلى النقيض من ذلك بعض الإدارات تُجبرك على احترامها وترفع لها القبعة لما تشاهده من عمل دؤوب وما تلمسه من نشاط فاعل ونتائج مادية ومعنوية تشعرك دائمًا بأن لديها فكر راقٍ وأساليب مبتكرة في تسيير أنديتها بالطريقة المـُثلى لتضعك أمام نشاط جدير بالمتابعة ؛ والشواهد على ذلك ما نتابعه من حراك دائم وتفاعل واضح بين هذه الإدارات ومجتمعاتها .
ومما شـدني شخصيًا خلال الأسابيع الماضية نموذجين مميزين لإدارتي نادي السلام بالعوامية ونادي الترجي بالقطيف ؛ فالأستاذ فاضل النمر وإدارته الشابة أسسوا ديوانية باسم النادي كملتقى خاص لللاعبين والإداريين السابقين وتجمع عام لربط النادي بالمجتمع ومدارسة شئون النادي ، وفي ساعات فقط اجتمعوا بالجمهور والمحبين للنادي واستثمروا وجودهم بدخل مادي فاق المليون ونصف المليون ريالاً .
وفي نادي الترجي ترى الأستاذ إحسان الجشي وإدارته الجديدة تنفتح على رجال المال والأعمال وتضعهم في الصورة بما يحدث في ناديهم وما يحتاجه من دعم معنوي ومادي وتشاطرهم المسئولية وتقاسمهم الشراكة بينهم وبين النادي ليصلوا بالترجي لأعلى المستويات ويكون في الواجهة كناد عريق .
قد يكون في الأندية الأخرى أمثلة من هذه الحالات التشجيعية المثمرة والأعمال القدوة البارزة ؛ ولكن لـقصور في إعلامها لم نسمع بها أو لم ترَ النور حتى الآن .
في الختام أقول بأن لدى أنديتنا طاقات شبابية وخبرات إدارية غير مستثمرة بالطريقة الصحيحة ولدينا أيضـًا المواهب والوجوه الشابة القادرة على تحسين وضع أنديتنا ودفعها للواجهة بالإنجازات الرياضية المميزة.